
Jamil Doaihi
الشاعر حاتم جوعيه: نشيد الحبّ والكفاح

أغنّي نشيدَ الحبِّ رغمَ الجرائم ِ
وأنثرُ وردَ الطهر ِ فوقَ العوالم ِ
تضَوَّعْتُ سحرًا بالعبير ِ وبالشذا
ستوقظ ُ شمسي ، في العُلا، كلَّ نائِم ِ
سأبقى وفيًّا ، للمدى ، لعقيدتِي
أذوُدُ عن ِ المظلوم ِ تسْموُ مراحِمِي
وكانت حقولي للعطاء ِ وللجَنى
ستبقى غلالا ً للجياع ِ مواسمِي
أغنّي لأجل ِالسلم ِ والحبِّ دائمًا
سلام الشعوبِ أنْ يظلَّ بدائم ِ
يُجَسِّدُ شعري نورَ فكري َوَمْطمَحِي
ورِقّةَ إحساسِي وبُعْدَ مَآلِمي
وشعري لأجل ِالحقِّ يسطعُ نورُهُ
لنُصْرَةِ شعبي... من دِمَاهُ ملاحِمي
أسيرُ على شوكِ القتادِ وفي اللظى
لنشر ِالهُدَى والنور ِوسْط َ الزَّمَازِم ِ
وكمْ َفَدْفَد ٍ وحدي بليل ٍ قطعتهُ
وخضتُ خضمَّات ِالرَّدى المُتلاطم ِ
وكمْ منْ َملاكٍ فوق رأسيَ حائِمٌ
يُشيّعُ خطوي في الدروبِ العواتم ِ
بَذلتُ حياتي كلها لقضيةٍ
وما زلتُ قربانا ً هُنا.. لمْ أساوم ِ
يموتُ الندى والجودُ إن ماتَ حاتمٌ
وتبقى العذارى في ثيابِ المأتم ِ
فلا كانَ شعرًا غيرُ شعري فإنهُ
شعاعُ المنى دوما ً لشعبٍ مُقاوم ِ
ولا كان صوتاً غيرُ صوتيَ صادقاً
تحدَّى طغاة َ العصر ِ.. كلَّ المظالم ِ
ولا كانَ فنًّا غيرُ فنّي مُخَلداً
بهِ تشرقُ الأمالُ فيِ كلِّ جاثم ِ
وحاتمُ طيْءٍ كانَ بالجودِ سيّدا ً
لقد فقتهُ بالجودِ بينَ العوالم ِ
لإنْ جادَ بالأموال ِ منْ كدِّ غيرهِ
بمالي وروحي جُدْتُ... لستُ بنادم ِ
بذلتُ شبابي ثمَّ عمري لأمَّتي
لنصرةِ أهل ِ الحقِّ.. .أغلى الحمائم ِ
وإني لرَبُّ الفخر ِ والمجدِ والعُلا
وربُّ الإبا والجودِ.. ربُّ المكارم ِ
وكمْ منْ فتاةٍ في غرامي تلوَّعَتْ
تريدُ وصالي فهوَ أسْمَى الغنائم ِ
تبادِلُني أحلى الكلام ِ عن ِ الهوى
كلامًا يفوقُ الشعرَ...عذبَ النسائم ِ
أراكَ فتى الأحلامِ ِ قلبي ومُهْجَتِي
وَسَيِّدَ روحي أنتَ... إنكَ عالمي
على عرش ِ قلبي أنتَ دوماً مُحَكّمٌ
وَعَرْشُكَ أنتَ الفنُّ أقوَى الدَّعَائِم ِ
أليكَ سلام ُالقلبِ والروح ِوالحَشا
وإنكَ في جَوفِ الحَشَا المُتضَارِم ِ
وكم ْ ِمنْ فتاةٍ شيَّعتنِي بدمعِهَا
وكانَ الوداع ُ بالدموع ِ السَّواجم ِ
وَجُنّتْ جُنوناً في جَنَى جَنتي وكم
جَنىً منْ جناني قد جَنَتْ في المواسم ِ
وكم من نساءٍ تبتغيني حليلهَا
وكم ْ حَضَنتني ِمنْ زنودٍ نواعم ِ
وكمْ منْ شِفَاهٍ أمطرتني بشهدِها
وكانت رحيقَ الخلدِ...أحلى المَبَاسمِ
وفقتُ أنا الأقرانَ عَزْمًا وَجُرأةً
وكمْ كانَ بينهم هُنا منْ مُزَاحِم ِ
ولي هِمّة ٌ تأبَى الدنيّة َ والأذى
ولي هيبة ٌ مثلُ الأسودِ الضَرَاغِم ِ
وإنِّي أنا الصوتُ الذي بَهَرَ الدُّنَىَ
ويختالُ منْ أنغامِهِ كلُّ هائم ِ
سأبقى بفنّي ثم شعريَ رائدًا
وكمْ هامَ فيهِ منْ مُحِبٍّ وحالم ِ
ستبقىَ صُروحي للدهور ِ رواسيا ً
وغيريَ يبني المجدَ دونَ دَعائِم ِ
وصلتُ بجهدي...بالكفاح ِ وبالإبا
وما ِمنْ نصير ٍ في حياتي وداعم ِ
أماميَ سَدُّوا كلَّ بابٍ وَمَنفذٍ
وكمْ منْ حَقوُدٍ ، في المخازي، وهَادِمِ
ويبغونَ قطعَ الرزق ِ عنّي َنذالة ً
وكمْ مُشعِلٍ نار الخصام ِوضارم ِ
ولكنَّ ربِّي رازقي ومُسَانِدي
ويفتحُ بابَ الرزق ِرُغْمَ طواغِم ِ
سَمَوْتُ بشعري...بالفنون ِ جميعَها
ولم أكترِثْ يوماً لِوَغدٍ ولائِم ِ
وربِّيَ أغناني بمال ٍ َوسُؤُدد ٍ
بعلم ٍ سَمَا... بكلِّ حُسْن ٍ مدَاهِم ِ
وغيري بأغلال ِ الغوايةِ والغِوَى
غَوِيٌّ ويَغوِي غيرَهُ في المزاعم ِ
وكمْ ناقدٍ وَغْدٍ عَمِيل ٍ ونابح ٍ
عدوٌّ على أهل ِ العُلا والمكارم ِ
يبثُّ سُمُومَ الحقدِ دونَ روادع
يُطِيلُ بذيئَ القول ِ ثمَّ الشتائم ِ
فضحتُ دروبَهُ الخسيسة َ كلهَا
دَحَرْتهُ معْ أسيادِهِ في الرَّجَائم ِ
أُطِلُّ على كونٍ تسَرْبَلَ بالأسى
وأُبصِر ُ قوماً عيشهُم كالسَّوائِم ِ
سُقاةً وحطابين صاروا أذِلة ً
وللغير ِ من بعدِ العُلا والمَغانم ِ
وكم من ديار ٍأقفرتْ منْ بدورِها
وكم جنةٍ صارتْ حُقولَ َجمَاجِم ِ
وفي ذمَّة ِ الأجيال ِ يقضة ُ أمَّة ٍ
تموجُ بأسْمَال ِ الأسَى المُتراكِم ِ
شقينا سنيناً في بلادٍ نُحِبُّهَا
سعيرًا غدَتْ... بل َمسْرَحا ً للجَرائم ِ
كأنا ُولِدنا للعذابِ وللأسى
ونشقىَ لأجلٍ العيش ِ مثلَ البهائم
وللأرضِ ِ جئنا نحنُ دونَ إرَادَةٍ
ونرحلُ عنها...دونَ عِلم ٍ لِعَالِم ِ
وأنَّى نرُدُّ الموتَ إنْ جاءَ زائرًا
ولو أثقِلَتْ أجسادُنا بالتمائِم ِ
بلادي هواها في فؤادي وفي دمي
وكمْ في ثرَاهَا منْ ُبدُور جَوَاثِم ِ
سيحضنُ جسمي بعدَ موتي ترابُهَا
ويُسقَىَ ضريحي منْ دموع ِ الغمَائم ِ
وتدمَى عيوني أنْ أراها ذليلة ً
وتلتاعُ في ثوبِ الأسَى المُتفاقِم ِ
تقرُّ عيوني أنْ أراهَا عَزيِزةً
وشعبي بعُرس ِ مَجْدِهِ المُتَعَاظِم ِ
شربتُ كوؤوسَ الحزنَ دهراً ولم أزل
وكم طال سُهدي في الدياجي الفوَاحِمِ
سنينا ً أعاني من جراح ِ أحِبَّةٍ
وما عِيلَ صبري من عذابٍ ملازم ِ
وأرعىَ نجومَ الليل ِ وحدِيَ شارداً
وأطوي الليالي والسهادُ مُنادِمي
وإني ولا عِلمٌ - لأعلم ُ انني
سأُسقىَ المنايا بعد طول ِتصادم ِ
أسيرُ على شوكِ القَتادِ وفي اللظى
أوَاكِبُ أحلامي ببيدٍ قوَاتِم ِ
وهذا زمانٌ للنذالةِ والخَنا
يسودُ بهِ الأنذالُ..كلُّ الأراقم ِ
ولمْ أرضَ عيشَ الذلِّ مثلَ حُثالةٍ
لأجل ِ ُفتاتٍ كمْ جَنوَا منْ مَآثِم ِ
وإني لمقدامٌ بكلِّ مُلِمَّةٍ
أخوضُ خِضمَّ الموتِ...لستُ بنادم ِ
بقيتُ لبأسي صخرة ً عربية
تصدُّ الهوانَ.. كلَّ عاتٍ وظالم ِ
لمُستنقع ِ التطبيع ِ مازلتُ رافضًا
وكم غاصَ فيهِ الغيرُ دونَ لوائِم ِ
وجائزةُ الإذلال ِ كم نالهَا هُنا
سَفيهٌ ومعتوهٌ ببَيْع ِ الذمائم ِ
وكمْ من خسيس ٍصارَ سَيّدَ قومهِ
وكم من أبيٍّ دِيسَ تحتَ المَناسِم ِ
وكم منْ عميلٍ صارَ شهماً مناضلا
غدا وطنيًّا بعدَ طولِ مَآثِم ِ
وأمقتُ هذا العصرَ تشقاهُ أمَّتي
فيُرعِدُ برقي رُغمَ عار ِالهزائِم ِ
وما كنتُ أرضَى العارَ مالا ً ومنصباً
ولو أمطرُوني من كثير ِالدراهم ِ
وإني ولا عِلم ٌ- لأعْلمُ أنني
عليَّ سلامٌ من إلهيَ حاكمي
وإني ولا عِلم ٌ- لأعْلمُ أنني
لأشرَفُ ما فوقَ الثرى في المكارم ِ
وأنىَّ لِحَال ٍ أن َيدُومَ بحالِهِ
وأنَّي لباغ ٍ أن يظلَ بسالم ِ
وهيهاتَ معتوُهٌ يظلُّ مُرَأسًّا
وأنىَّ لظلم ٍ أن يظلَّ بقائِم ِ
وهيهاتَ حُرٌّ أن ينالَ وظيفتة ً
ومالا ً لدَى أهل ِ الخنا والسَّخَائِم ِ
وأنىَّ لِحُرٍّ جَهْبَذٍ يُسْقىَ اللظى
يظلُّ يُعاني في خِضَمِّ المَآتم ِ
فكم من خسيس ٍ نالَ جاهًا ومركزًا
ولا بدَّ يهوي تحتَ حدِّ الصَّوَارم ِ
وما قيمة ُ الأنسان ِ دونَ كرامةٍ
ودونَ ضمير ٍ.. راتعٌ في النمائِم ِ
ويخدمُ أهلَ الجورِ والغدر ِ والخنا
وواش ٍعلى الأحرار ِ.. كلِّ الأكارم ِ
وفي مجمع ِ الأوباش ِ فالحقُّ ضائعٌ
وأيامُنا سودٌ لنيرِ الغرائم ِ
لأنيِّ أبيٌّ لستُ نذلا ً وآفكا ً
ولستُ بفسادٍ وخيرُ مُسَالم ِ
لأني أحبُّ الخيرَ والناسَ دائما ً
هنا لم أوَظَّفْ عندَ أهل ِ المظالِم ِ
وإني إلهُ الشعر ِ والفنِّ والعُلا
وإني بداياتٌ وَمِسْكُ خَوَاتِم ِ
وإني مسيحُ العصر ِ تبقى رسالتي
سلاماً وَحُبًّا دونَ شرطٍ لعالم ِ
بذلتُ حياتي كلها لقضيتي
وما زلتُ قرباناً هنا..لم أسَاوم ِ
تكأكأ كلٌّ قربَ كلكل ِ خيمتي
وكانَ السبيلُ في سهوبِ مراسمي
ولي حكمة ٌمن نورِهَا تنهلُ الدنى
وكم فيلسوفٍ أعجزتهُ طلاسمي
سَمَوْتُ إلى فوق النجوم ِ ولم ازلْ
أحلقُ تيهاً كالنسورِ القشاعم
أموتُ لأجل ِ الحقٍّ لستُ بنادم
إذا ما أنا ضَحَّيْتُ دون َمغانم ِ
سأبقى على درب ِالكرامةِ والإبا
ترفعتُ عن دُنيا الخنا واللمَائم ِ
وأرقى بجهدي... بالكفاح ِ لمنصبٍ
وفي الخزي غيري يرتقي في السلالمِ
وديني السلامُ والمحبة ُ والوفا
ونصرة ُ أهل ِ الحقِّ وسط َالزمازم ِ
وديني الكفاحُ، والنضالُ هويتي
لأجل ِ غدٍ يزهُو بأحلى المباسِم ِ
سَمَوْتُ بفنّي ثم شعريَ للعُلا
وكم هامَ فيهِ من مُحِبٍّ وحالم ِ
وإن تعهدِيني لا أزالُ مناضلا ً
أبيًّا شريفاً لا أدينُ لظالم ِ
وإن تسألي الأحرارَ عنّي فإنني
مثالُ الإبا...لا ينكرونَ عزائمي
كفاحي سيبقى للشعوبِ منارةً
بجهدي وعزمي قد وصلتُ وصَارمي
أحبُّ الحياة َ للشعوب ِ جميعَها
صفاءً نقاءً دونَ قسوةِ طاغم ِ
أنا للسلام ِ رُؤيتي وتطلعي
ولكن أبَيْتُ الظلم.َ..سطوة غاشم ِ
وفي َمجْمَعِ ِ الأوباش ِ فالنذلُ سيُّدٌ
وأمَّا الكريمُ الحرُّ دُونَ دَعَائم ِ
وما كنتُ أرضى أنْ أطأطِئَ هامَتِي
وأرفضُ عيشَ الذلِّ تحتَ الردائم ِ
ولا شيئَ يبقى غيرُ حُسن ِصنِيعِنا
لنا المُرتجَى بالرَّبِّ مُحيِي الرَّمَائم ِ
( شعر : حاتم جوعيه – المغار - الجليل )